هل يساهم الذكاء الاصطناعي فى تطوير استراتيجيات ‏الاستثمار الكمي؟

بمرور الزمن ،يتناقص عدد المستثمرين العاديين ومديري الأموال ‏التقليديين الذين يولون اهتماماً بتقييمات الأوراق المالية ،حيث ‏أصبحت مهمة الحفاظ على تماشي أسعار السوق مع الواقع ‏الاقتصادي تقع على عاتق صناديق التحوط عالية الاستدانة التي ‏تستخدم استراتيجيات متطورة و جريئة.‏

وخلال الفترة الأخيرة لجاءت "بعض" صناديق التحوط إلى نسخ ‏غير متطورة من هذه الاستراتيجيات ،وكانت واحدة من أسرع ‏المنتجات نمواً فى إدارة الاستثمار هي استراتيجيات الاستثمار ‏الكمي.‏

وتعني "استراتيجيات الاستثمار الكمي" ببساطة أن القرارات ‏الاستثمارية تتم وفقاً لقواعد كمية بدلاً من الحكم البشري ،وعليه ‏فمن المتوقع أن يكون للذكاء الاصطناعي دوراً كبيراً فى تطور ‏هذا النوع من الاستراتيجيات.‏

حيث يحلم بعض الناس باستبدال البشر الأذكياء بذكاء اصطناعي ‏أكثر ذكاءً يفتقر إلى التحديات السلوكية البشرية، وأحياناً الحوافز ‏الملتوية.‏

نحاول هنا فى موقع "أف اكس نيوز تودي" التطرق بشرح ما هي ‏استراتيجيات الاستثمار الكمي ؟ وما هو الدور المتوقع أن يلعبه ‏الذكاء الاصطناعي فى تطويرها ؟وهل يعزز الذكاء الاصطناعي ‏الجانب الإيجابي فى أسواق المال العالمية ؟

استراتيجيات الاستثمار الكمي

تعرف تلك الاستراتيجيات اختصاراً بـ‎ (QIS)‎والتي ينفذها تجار ‏الأوراق المالية كمقايضات أو منتجات مهيكلة ،وتعتمد بشكل ‏أساسي على قواعد كمية.‏

ارتفع حجم "استراتيجيات الاستثمار الكمي" إلى 370 مليار دولار ‏بحلول منتصف عام 2022 ،وهو حجم كافي جداً ليكون له تأثيرات ‏كبيرة على الأسواق والأسعار.‏

وعلى حسب الدراسات هناك مؤشرات على أن نشاط استخدام ‏استراتيجيات الاستثمار الكمي سيستمر فى النمو بوتيرة سريعة ‏فى المستقبل.‏

على ماذا تعتمد استراتيجيات الاستثمار الكمي ؟

تعتمد تلك الاستراتيجيات بشكل أساسي على قواعد كمية فى ‏اتخاذ القرارات الاستثمارية دون أي تدخل للقرار البشري الخاضع ‏للتحديات السلوكية.‏

كمثال بسيط جداً على تلك الفكرة ، صندوق الاستثمار يشتري ‏الأسهم إذا كان متوسط سعرها خلال أخر 50 يوماً من التداول ‏أعلى من متوسط سعرها خلال 200 يوم ،ويبيعها إذا كان متوسط ‏سعرها خلال 50 أقل من متوسط سعرها على مدي 200 يوم.‏

أهمية استراتيجيات الاستثمار الكمي

تستخدم العديد من صناديق التحوط "استراتيجيات الاستثمار ‏الكمي" على الرغم من أنها بشكل عام أكثر تعقيداً بكثير من ‏المثال المذكور أعلاه.‏

وتقوم معظم صناديق التحوط بمراجعة الاستراتيجيات وتعديلها ‏باستمرار، وفى العادة يجمع صندوق واحد العديد من ‏‏"استراتيجيات الاستثمار الكمي" ‏

وهناك صناديق مشتركة ومتداولة في البورصة تستخدم ‏‏"استراتيجيات الاستثمار الكمي" ذات التعقيد المتوسط، والتعديل ‏المنتظم.‏

تطور استراتيجيات الاستثمار الكمي ‏

كانت منتجات الاستثمار المهيكلة والمقايضات المرتبطة ‏باستراتيجيات الاستثمار الكمي موجودة منذ أكثر من عقد، لكن ‏الإصدارات المبكرة منها حظيت بسمعة سيئة بين المستثمرين. ‏

حيث كان من السهل على التجار كتابة عقود لصالح الشركة بدلاً ‏من المستثمر، فى حين يقع على عاتق مدير الصندوق واجب ‏ائتماني للعمل من أجل مصلحة المستثمر.‏

وعندما يوقع المستثمرون عقوداً مع التجار، يكون للتاجر الحق ‏القانوني في التفكير فقط في مصلحته الخاصة ، وبالطبع يهتم ‏معظم التجار بالسمعة وتكرار الأعمال، مما يحد في بعض الأحيان ‏من مقدار إساءة معاملة العملاء، ولكن ما يزال المستثمرون ‏يشعرون بحذر أكبر تجاه التاجر بالمقارنة مع مدير الصندوق.‏

وفى عام 2020 أو نحو ذلك، تحسنت منتجات "استراتيجيات ‏الاستثمار الكمي" المهيكلة وأعمال المقايضة قليلاً، وتخلصت من ‏الكثير من سمعتها السيئة.‏

حيث أصبح المستثمرون أكثر ذكاء بشأن العقود، ورأى التجار في ‏إرضاء العملاء ميزة أكبر من زيادة الربح في كل معاملة، فكلما ‏كان العملاء راضين أكثر، زاد حجم الصفقات، وزاد اهتمام التجار ‏بتقديم منتجات جيدة بأسعار عادلة.‏

دور الذكاء الاصطناعي

مع التطور الهائل فى الذكاء الاصطناعي وزيادة الاعتماد عليه ‏فى كل المجالات بما فيها أسواق المال العالمية ،من المتوقع أن ‏تستفيد الصناديق والتجار من هذا التطور فى تطوير استراتيجيات ‏الاستثمار الكمي ،ولن يقف الأمر عند التطوير فقط بل من ‏المتوقع أن تكون هناك استراتيجيات مبتكرة جديدة.‏

وبحسب النتائج المبكرة للأبحاث ،فأن روبوتات الذكاء الاصطناعي ‏قد تجاوزت بنجاح اختبارات إمكانية استخدام التكنولوجيا الجديدة ‏فى الحصول على إشارات مفيدة لعمليات التداول.‏

هل يعزز الذكاء الاصطناعي الجانب الإيجابي فى أسواق المال ‏العالمية ؟

إن تبديل المنظور من المستثمرين الذين قد يستخدمون ‏‏"استراتيجيات الاستثمار الكمي" إلى السوق ككل، وإزالة الأصول ‏من مديري صناديق التحوط الذكية والمتطورة التي تسيطر على ‏عملية تحديد الأسعار هما خطران واضحان.‏

‏ إذا تسببت الخسائر أو زيادة تكاليف الرافعة المالية في تهميش ‏المديرين البشر، في حين إذا استمر استخدام استراتيجيات التداول ‏الآلي البسيطة والمبرمجة من دون إشراف، فلن يكون هناك أحد ‏يقود الطائرة.‏

ومع الحلم المستمر من بعض الناس باستبدال البشر الأذكياء ‏بذكاء اصطناعي أكثر ذكاءً يفتقر إلى التحديات السلوكية البشرية، ‏وأحياناً الحوافز الملتوية ، قد تكون هذه فكرة جيدة وقد لا تكون ‏كذلك.‏

لكن من الواضح أن استبدال البشر الأذكياء بأجهزة كمبيوتر فقط ‏له جانب سلبي أكثر من الجانب الإيجابي على أسواق المال ‏العالمية ، فإذا كانت "استراتيجيات الاستثمار الكمي" مثل ‏صناديق المؤشرات، ذات صافي فوائد إيجابية للمستثمرين ،فنحن ‏بحاجة إلى استيعابها.

‏

الاستيعاب أفضل كثيراً من اللجوء إلى تبسيط التداول واتخاذ ‏القرارات الاستثمارية الآلية ،حيث يشكل هذا التبسيط خطر مفرط ‏على الأسواق.‏